يا له من صباح جميل، السماء صافية بشكل غير مألوف في هذا الوقت من العام، و لكن لما لا فاليوم عيد ميلاد صديقتي الروحية. او لربما فهذا هو تأثير زجاجة الياجر مايستر من الأمس، لقد كان احتفالا عظيما، و كأن السحب تأبى ان تحجب نور الشمس في يوم ولدت فيه.
أحضرت معي الكاميرا الآلهية ، كاميرا فورية تحمينا من النسيان ، و دائما ما اسال نفسي لما يحاول بعض البشر ترك تراث عظيم او اعمال انسانية تجعلهم مقاومين للنسيان لفترة اطول من عمرهم..
لا أخفي سرا ان تلك الابتسامة تمنحني حياة ، و لم لا فهي الشخص الذي مدحه نجيب محفوظ عندما قال " من المهم ان نبحث عمن يحبنا بما نحن عليه ، بكل مساوئ شخصياتنا" و كيف لا يكون لنا خكايا، هل نحن آلهة حتى نتبرأ من الآثام ، و حتى الآلهة كانت دائماً تعدل من خططها و تستمتع بمتع خاصة بها،
نعود لتلك الأبتسامة التي تظهر صف اسنانها الامامي اللامع و الذي يعكس صدق لا متناهي و يوقظ النزعة الآلهية داخلي في ان اعترف بكل ما يؤرق عقلي البشري فأحرره فأصير ألها بالأحقية عندما تتحرر.
رأيت تلك الابتسامة في الهاتف ، صورتها مصحوبا بنغمة خاصة لها و اجبت: ألو
ردت: ألو ، يسعد صباحك يا فندم، اعلم انك ستقتلني لكنني سأتاخر اليوم عن موعدنا.
قلت بضحكة : و منذ متى و نحن نتشاجر بسبب المواعيد، الزمن ملكنا .
انهينا المكالمة و خرجت لأشتم الهواء و أترك خليط الأوكسجين و أكاسيد الكربون مع قليل من النيتروجين تتخلل خلايا جسدي الفاني و تشحن روحي الخالدة. احتاج لساعة ، ربما احتاج لساعة من النوع الجديد الذكي لأحدد الوقت الذي أتفق البشر عليه و لربما لاحدد مجهودي و اقوم بتحسينه..جيدة تلك السوداء ، في الحقيقة لم يكن هناك غيرها من ذلك النوع الذي أردته و قمت بشرائها على الفور. تبدو رائعة.
هل تأخرت على الموعد ؟؟ لا أعلم و لكنني انتظرت في المكان المحدد ، و لم انتظر كثيرا حتى رأيت تلك الابتسامة المانحة الحياة للروح.
ذهبنا الي مطعم شهير ، مشهور بتقديم وجبات رائعة مع الشامبانيا و مشروبات الآلهة العتيقة.
دخلت بثقة و سالت عن طاولة لنحجزها ، رد النادل بان موعد تقديم الوجبات لم يبدأ بعد ، حجزنا الطاولة و ذهبنا لشراء ساعة اخرى لها، كانت مماثلة لخاصتي ، و لما لا فالمميزون امثالنا يقتنون تلك النوعيات دائما، ضبطنا التاريخ و التوقيت و عدنا للمطعم.
قلت لها: هذه ساعة عظيمة تستطيع ان تقيس خطواتك و مجهودك ، انظري كم الكيلومترات التي مشيتها في الشهر السابق ، اني اتحسن ، و هذا رائع كما ان معدلك عظيم منذ ان بداتي الجري صباحا.
ردت : هذا حقيقي جدا و سعيدة بذلك بشدة.
قلت ضاحكا: هذا ليس بغريب على آلهة مثلنا..
قالت باستغراب: آلهة !! هذا يبدو مثيرا جدا.
قلت : اذا كنا آلهة حقا، ما هو الأله الذي سوف تمثلينه؟
قالت بسرعة: أله العقول..
لم استطع ان اخفي اعجابي بذلك و انبهاري: لقد كنتي دائما كذلك، هل تعلمين اني اقدسك و اعتبرك فعلا ألهة العقول . يوما ما ستصبحين كبيرة الآلهة.
قالت ضاحكة: ربما علينا ان نحسن ما نفعله حتى نستحق ذلك.
أكلمت: و ماذا عني ، ما هو الأله المناسب لي؟
قالت بثقة: لربما هو الأله القادر على تحسين النظام و اخراج افضل ما في الناس.
قلت بخبث: لربما تقصدين آله الكفاءة اذن! هذا من الآلهة الجديدة ، المستحدثة بعدما احتاجه البشر.
قاطعنا صوت النادل : ماذا تودون ان تاكلون الليلة؟
كان اختيارنا لذيذا فالدجاج المشوي و طبق اللحم مع الشامبانيا تعتيق عام ٢٠١٣ سيكون عظيما.
قلت لها و انا أصب الكأس الاول: عحيب امر هؤلاء البشر , و بالاخص الذين لم يتطوروا كثيرا كالمحيطين بنا ، دائما ما يتفننون في شهوات الطعام و الشراب و يخرجون الذ ما يمكن منها و لكن اذا كان الحديث عن الجنس او العلاقات الاجتماعية نجدهم لازالوا يستخدمون الاساليب التقليدية و يخشون الحديث عنها.
قالت: لربما ذلك بسبب خوفهم من الله.
قلت ضاحكا: و هل كانت الآلهة تخشي من نذواتها ، هذه خدعة وضعها الآلهة القديمة لكي لا يصبح البشر آلهة يوما ما.
هل تعلمين كيف يموت الأله؟
قالت : كيف؟
قلت واثقا: بالنسيان، يموت الأله عندما يتم نسيانه
أكملت هي عبارتي: عندما يفشل يتم نسيانه فيموت.
قلت: لذلك يسعى الآلهة لتقليل عددهم ، حتى لا يصبح هناك الكثير من الآلهة و يفشل منهم عددا و يتم نسيانهم.
سالتني: و ما الفرق بين البشر و الآلهة ؟
قلت لها: في التكوين الجسدي يكونون متشابهين بشكل ما لكن في التكوين النفسي يكون الامر مختلفا، و لربما الجنة المنتظرة هي ارص الألهة التي تحوي كل الألهة السابقين.
قالت: عظيم، اتذكر اليوم الذي ادركت فيه انني أله كان ذلك في عام ٢٠١٢ عندما كنت وحيدة و خرج لي أله ليقف بجانبي كان ذلك منذ خمسة اعوام.
قلت لها: احيانا اتمنى ان اخسر قوتي و كل شئ في مقابل أن اكون ذلك الأله الذي كان بجانبك وقتها ، حتى و ان تلاشيت بعدها او عدت بشريا و نسيت ذلك.
قالت بضحكة : يبدو اننا افرطنا في الشراب ، هذه الشامبانيا رائعة.
قلت لها: هيا بنا اذن.
تحركنا و قلت لها اين سيارتك؟
قالت لي: لا اعلم ؟ لقد كانت هنا.
قلت باستغراب: اشعر ان المكان تغير ، هل تم اعادة افتتاح ذلك المطعم مرة اخرى؟ و كنت اشير الي مطعم قديم تم هدمه منذ فترة.
قالت : ربما ، يبدو كذلك.
عدنا للنادل و سألته: ما تاريخ اليوم؟
قال لي : انه الثاني و العشرين من شهر مايو
قلت له : من أي عام؟
نظر بأستغراب قائلا: من عام ٢٠١٢، و اكمل ضاحكا: يبدو أنك أسرفت بالشراب سيدي.
تمت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق