هل تعلم عزيزي انك اذا اخذت طائرة من هنا لبروكسل ستتكلف اكثر اذا ما اخذت طائرة من هنا لباريس ثم قطارا الى بروكسل، بالاضافة الي ان القطار سيصل بك لوسط المدينة مباشرة علي عكس المطار الذي ستضطر فيه لدفع مبلغ اضافي من اجل الوصول لوسط المدينة، و من هنا كان قراري بسيطا و حاسما ساذهب قبل الاجتماع الي باريس، ليلة واحدة ازور فيها ارضي المفضلة و احضر الاجتماع منتعشا و محملا بالمشاعر العظيمة، نزلت ارض النور و عاصمة الحب و الجمال، تناولت الغداء الفرنسي و شربت النبيذ الرائع المشهور هناك، و تحت برج ايفيل قضيت يوما جميلا، و لكني تناسيت شيئاً، اين سانام تلك الليلة، لم اقرر عن عمد في داخلي فانا اريد ان اسهر حتى الصباح في ملهي ليلي، اشرب و ارقص و ربما اقبل فتاة جميلة اقضي معها باقي الليلة، بدا الليل بالهجوم متاخرا فتلك المدينة في ذلك الوقت يدخلها الليل في الحادية عشر ليلا، و يا لسخرية اللغة قد تعبر عن الساعة بانها التاسعة او العاشرة عصراً، فالشمس لا تزال في السماء، غربت الشمس و غاب الناس و بدات الحياة الليلية في الظهور، ساسهر و ارقص و انسي كل الهموم، ذهبت لشارع النوادي، العديد من الرجال ذوي الاصول الافريقية ضخمي الجثة واقفين متربصين باي شخص يقترب، اقتربت من احدهم و قلت له هل بامكاني الدخول، قالي لي يجب ان تكون معي فتاتي، لا يسمح بالدخول لشخص وحيدا، تمشيت قليلا و كل الاماكن اسمع فيها نفس الكلام، قلت ساذهب لقوس النصر و لربما استطيع ان اهرب من الواقع هناك، ما كل هؤلاء البشر، انه جمهور باريس سان جيرمان العظيم يحتفلون بالكاس الليلة، عند قوس النصر يلعبون بالالعاب النارية. يحتفلون بالبيرة و الاناشيد الحماسية، بتلقائية شديدة ذهبت لشراء تيشرت النادي، و دخلت وسط الاحتفالات كاني مشجع باريسي متعصب، يا لسخرية القدر مرة اخرى فذلك النادي منذ عدة اعوام كان حصالة اوروبا و لم يكن لباريس جمهور كرة قدم، و لكن الاموال الخليجية دخلت علي الخط و الان باريس تنافس بشدة مدريد و مانشستر و ميونخ و تورينو و تخطت ميلانو و اصبحت من المدن العظيمة في كرة القدم، كل شئ تغير في سنوات قليلة، دخلت وسط الجمع، ارقص و اغني و احتفل، انها ليلة رائعة، خرجت من الاحتفالات عائدا لشارع النوادي الليلية و لكن تلك المرة في شارع الشانزلية، الشارع الشهير العظيم، ما كل هؤلاء العرب و اهل الخليج، ها هي شركة الطيران الخاصة ببلدنا بجانبها بالضبط ملهي ليلي كبير و يتشاركون في لوحة اعلانات واحدة، لتكون العبارة عليها؛ سافر معنا بأمان، الليلة ليست ككل ليلة.
ذهبت للرجل ضخم الجثة و الذي لم يكن افريقي هذه المرة و سالته علي بامكاني الدخول، قال لي وحيداً قد لا يجوز و لكن مع فتاة اخرى ستدخل و لكن يمكنك ان تدفع لي 20 يوروو ساتغاضى عن ذلك الشرط، لم ارغب في دفع ذلك المبلغ لهذا الشخص كما انني لا اريد الدخول وحيداً،
اصبت بالاحباط و تحركت الي الشارع الاول الحقير نوعا ما اذا نا قورن بملهي الشانزلية، كثير من سيارات الشرطة في ذلك المكان لفرض الامن عندما يقتضي الامر ذلك و ظللت ادور في ذلك الشارع لمدة نصف ساعة بلا هدف، حتي استوقفتني شرطية فرنسية لتسالني لماذا اتحول هكذا، سالتني ان كنت احمل اسلحة ام اني مجرد مخمورا، قامت بتفتيش ملابسي و طلبت مني خلع القميص، كنت خجولاً بعض الشئ، اخجل من التعرجات و الترهلات قليلا و لكني فعلت و اصبح نفسي العلوي عارياً، رات الشرطية الحروق علي جسدي و سالتني اذا كان شجارا بمواد حارقة و لكني اخبرتها ان تلك الحروق بفعل شمس البحر في مارسيليا، اخرجت جواز سفري و اخذته و ابتسمت، اعادته لي قائلة: حسنا ايها المهندس الصغير، يبدو انك تبحث عن مرافقة لك الليلة، و لكنك تبدو محترما بشكل زائدا عن اللزوم في تلك المواقف يتطلب الموقف الكثير من الثقة و اللباقة لجذب فتاة خصوصاً ان كنت في باريس ارض العاشقين، قلت لها معك حق ربما يجب علي ان اشاهد و حسب، ضحكت بشدة و قالت لي و لكنني لا امانع ان ادخل معك احد الملاهي رغم انك تصغرني بعشر سنوات و لكنك اكبر من ذلك. سكتت لبرهة و نظرت لها قائلا ليست اول مرة اسمعها، لقد قيلت لي سابقا انا رجل خمسيني في جسد عشريني انتظر ان يكبر جسدي لاكون مناسبا، ابتسمت قائلة لا تقل ذلك، انطلق من فضلك، ساساعدك الليلة ان تفعل شيئا عظيما، هل ترى تلك الجميلة بائعة الزهور؟ هذه زهور باريسية، ما رايك ان تشتري منها كل الزهور و تهديها لها و تدخل لترقص معها، ستريحها من عناء البيع في المطر و ستكسب قلبها الصغير.
حسنا فعلت ذلك، ذهبت للفتاة البسيطة فابتسمت و في يدها وردة و لكني رفضتها و قلت لها بفرنسية ضعيفة لا اريد وردة، بانت خيبة الامل علي وجهها و وضعت عينيها في الارض لكني اكملت بقولي انا اريد كل الورد، احمرت وجنتيها و ابتسمت و قلت لها كم التكلفة قالت لي عشرون يورو، اخرجت المبلغ من جيبي و اعطته لها و اهذت كل الورد و سالتها لقد نفذ وردك ماذا ستفعلين الان؟ قالت لي مثل ما افعله كل يوم، ادخل معك الي ملهي ليلي حتي تشرب و تحتك بجسدي و ترمي الورد و ربما تدعوني لانام معك مقابل مبلغ مشابه.
قلت لها ما رايك ان نغير السيناريو تلك الليلة، خصوصاً انك تشبهين صديقة عظيمة مقربة، قالت لي لم افهمك، قلت ظظظ سنوزع الورد مجانا على المحبين خارج الملاهي،
ضحكت بشدة و قالت انت مجنون، عاشق مجنون علي ما يبدو.
قلت لها هذا حقيقي فهيا بنا،و طوال ساعة قمنا بتوزيع كل الزهور علي كل المحبين كانت مفاجاة لطيفة لهم، منهم من كان متوجسا في البداية ان نطالبهم بثمن و منهم من كان سعيدا واعطانا نقودا،
حتي بقيت ثلاث وردات، قالت لي ماذا سنفعل الان، قلت لها وردة لك علي تلك الليلة العظيمة، و وردة للشرطية المسكينة و وردة لشخص عظيم في حياتي. قالت لي من هي العظيمة؟ رردت انها شخصية خيالية قابلتها مؤخراً، شاركتني احلامي بشدة، لا اعلم الي اين نتجه و لكني اسعد مخلوق علي الارض بمعرفتها. ابتسمت قائلة الم اقل لك انك رومانسي مجنون. ذهبنا الي الشرطية و اعطتها الوردة، قالت لي انت رومانسي مجنون، ابتسمت قائلا لما تقولون ذلك انا فقط احب الجمال، سالت فتاة الورد ما اسمك؟ ردت ببراءة "روز". اسم على مسمى كما يقولون، سالتني اين تسكن؟ قلت لها انا اليوم متسكع، لا مكان لدي جئت باريس لليلة واحدة فقط لاراكم. ابتسمت قائلة انا ايضا لا انام في الليل في مكان، فمكان نومي يكون مشغولا حتي الصباح و عندها استطيع النوم، ابتسمت لها و قلت سننام في الشارع اذن، هزت كتفيها و قالت مثل كل يوم. نمنا علي الارصفة كالمتشردين و استخدمت ذراعي كوسادة، مرت الليلة بسلام و لم انام، قلت لروز صباح الخير ايتها الزهرة الباريسية، ردت قائلة انا لست باريسية لقد ولدت في الجبال، و لكني هنا من اجل الكسب. يا الهي كم يحمل وجهها من قسمات الزمن رغم صغر سنها. قالت لي اين زهرتك؟ قلت لها ستذهب الى شخص ما عظيم ساحتفظ بها دائما حتى القاه و اخشى فقدانه، قالت: اشعر انك تحب شخصا ما. رردت بسرعة: لا، ليس الحب الذي تعرفيه. قالت: لا عليك اذن، و لكنك ستخسر كلمة "نعم"، ستخسرها للابد.
اسطنبول، مايو 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق