الخميس، 6 ديسمبر 2018

البعث الجديد


دخل الحلفاء برلين، يبدو أن الصيف هذا العام سيكون اهدأ بعد شتاء دموي ، ملايين البشر ما بين قتيل و جريح و مشرد، ملايين النساء الألمان تعرضو للاغتصاب و القتل بدم بارد جراء الغزو المعاكس، بعد امتلاء الصدور بالكراهية لهم بعدما أهانهم هتلر في السنوات الماضية، لقد جن جنون البشرية، لا مجال و لا أمل من تفادي النهاية. و ها هي تلوح بالهجوم النووي على اليابان و قتل ألاف البشر في ثواني قليلة.

كل هذه الافكار تجول بخاطري، تعتصر دماغي، تشعرني بالذنب كأنني المسئول عن كل هذا.
قاطعني صوتا مألوفا: لما كل هذا الحزن يا ديونيسوس ؟ أنت لست مسئولا عن كل هذه المجازر. اللوم يقع على آريس فلم تشغل بالك؟
نظرت لها بضعف قائلا: كيف لا أشغل بالي يا أثينا؟ لقد كنا ألهة سيئة في هذه الحقبة و ألوم نفسي على هذا الصراع من البداية، لقد أعمتنا الصراعات و لم نمنع الحروب او الامراض. أين كان زيوس عندما أرسلت أرتيميس الطاعون ؟ و أين كان عندما ثار آريس لمقتل أفروديت و بدأت الحروب و لم تهدأ الا بمقتله و لا أعلم متى سنراه ثانية و أين ستكون المعركة القادمة.
قالت أثينا بخفوت: على الأقل أنتهى كل شئ في ذلك المكان، و حان وقت فتح جرر النبيذ الجديدة و مهرجان أنثستيريا.
قمت من مجلسي و في يدي كأسي العزيز الكانثاروس و ارتفعت فوق أرض باريس ، كانت رائحة البارود و الموت لا تزال حاضرة بقوة و لكن ذلك لم يمنعني من أن أبدأ تعويذة الأحتفال:
وراء كل رجل عظيم إلهة أنثى، برحيلها سقطت طروادة، وبحزنها ماتت الأرض، بدعمه بُنيت حضارة صنعت التاريخ وعاشت معه طوال حياته. أمّا عن الآن، فليس لنا نحن، من ندعو صنّاع الحضارات بالأساطير، سوى أن نلطخ مداخل تاريخنا بقارٍ أسود، ونكتب عنوانه ”ادخلي أيتها العفاريت، نحن أنثيستيريا!“
أشهدكم يا آلهة الحب أن تكون تلك مدينة الحب و النبيذ لمئة عام قادمة ، أن تكون وجهة المحبين و أرض الحرية ، و أن يحميها كأسي المقدس من الغزو لحينها و أن تكون أزهارها رسالة حب و أن تفوح رائحة عطرها العالم أجمع. أشهدكم أنها مدينة أله النبيذ ديونيسوس.
أقتربت مني أثينا قائلة : و لك مني قبلة أمي ميتيس ألهة الحكمة و التي قتلها زيوس في مولدي خوفاً من أن أكون أقوى منه.
لقد كانت قبلة عظيمة بعثت كل الذكريات الرائعة على تلك الأرض, نشرت طاقة حب و أقرت التعويذة بأن تكون تلك هي مدينة الحب.
قاطعنا صوتا من خلفنا: من اجل تلك اللحظة تزوجت جايا من يورانوس، الجيل الرابع من الألهة.. الجيل الاخير من المحبين على الارض و فوق السماء و لكنهم لن يكونوا سعداء بما حدث بين كل هذا الجيل.
قلت له دون أن أدير وجهي عن أثينا: أبولو .. صديقي القديم .. كنت أعلم أنك قادم و أعلم ما تحمله بين يديك يا صديقي, سكين هايدز اله الجحيم ، لكن لا تقلق يا صديقي سنترك لكم العالم و سنصبح فانين.. لقد كان نبيذ الرمان الذي شربناه من رمان ديميتر المسموم.. سنموت يا عزيزي و سنصبح طيفاً يزور البشر كل بضع سنين بشكل بشري كامل. صدقني يا عزيزي هذا العالم لا يستحق.
بدأ مفعول السم يظهر سريعاً و تحولنا لطيف و لم يلحق بنا سكين هايدز في يد صديقي أبولو أو لربما لم يرد أبولو أن يجعلنا من اهل الجحيم فلربما ننقذه يوما ما.



يرن الهاتف معلناً عن موعد الأستيقاظ للذهاب للعمل، كم أكره الأستيقاظ ، غالبأ احتاج ساعة لا أتحدث فيها لأي شخص بعد الأستيقاظ و لكن ذلك لا يمنعني من أن أرسل رسالة صباحية " يسعد صباحك يا صديقة الروح" و لا أنتظر كثيراً حتى يأتي الرد " يسعد صباحك يا صديقي"
اليوم يوم خاص و زجاجة النبيذ التي قمت بصناعتها و تعتيقها من فاكهتي المفضلة الرمان قد تكون جاهزة للأستخدام، كانت تشبهه زجاجات الألهة القديمة. هذا يبدو مثيراً
بعد العمل ممرت بمحل قديم لأستلام كأسين بشكل خاص و تصميم خاص ، هذا التصميم يشبه كأس الأله ديونيسوس المسمى الكانثاروس ، يبدوا في غاية الجمال بالأذنين الكبيريتين وتصميمه القصير المناسب للجرعات الملكية.
قابلت صديقتي في مطعمنا المفضل و كنت أحمل معي زجاجتي المعتقة.
قلت لها: اليوم سيكون عظيما ، أحضرت الزجاجة و احضرت لكي الكأس الذي أخبرتك عنه سابقاُ
قالت بأبتسامة معهودة: رائع ، أنا متحمسة للتجربة.
بدأنا صب النبيذ الأحمر الفاتح جدا في الكأسين. شعرت بطاقة ملكية تسري في عروقي، و سمعت صوتاً يهمس في أذني: أشرب يا صديقي من نبيذي، العالم يحتاج الآن أله النبيذ أله المرح والروح المعنوية العالية.
قلت لصديقتي العزيزة: هل سمعتي صوتاً هامسا الأن؟
شربت الكأس الخاص بها بتلذذ ثم أبتسمت و ظهر الصف الامامي من أسنانها و مر به وميض خفيف و قالت: أشرب يا عزيزي ديونيسوس، لقد بعثنا من جديد.



-تمت-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجرد بسمة

يرن المنبه في موعده، السابعة و النصف صباحا، شئ ما يمنعني من الخروج من عالم النوم ، لربما هو هو المهرب مما يحدث، يقاوم جسدي الخروج من بواب...