الخميس، 6 ديسمبر 2018

وعد


لا تهمني العاب الجوع و العطش تلك، لا تؤثر في جسدي المنهك، الصيام الحقيقي هو الصيام عن رؤيتك، يمر الليل ببطء و يمر النهار على عجل على عكس ما يروج الناس بإن الليل قصير في ذلك الشهر، ربما تلك الاشاعة ناجمة عن كون معظم الناس يقضون تلك الساعات في الاكل بشراهة امام التلفاز متابعين قصص و افكار جديدة في الاعلانات يتخللها احيانا مسلسل تلفزيوني او برنامج سخيف لترويع النجوم، لا اعلم تحديداً ما هو الوقت المناسب للإفطار، دائماً ما اغلق كل نوافذي و لا اعلم متى تغيب الشمس و لكنني أبدأ افطاري بسيجار ثقيل عندما تسري قشعريرة خفيفة في جسدي معلنة عن غياب الشمس في البحر، لا تنتهي ابدا تلك السيجارة ، دائما ما اسال نفسي عن كون كلمة سيجارة مؤنثة و لكن سيجار مذكر، سالت اصدقاء من عدة دول يتحدثون عدة لغات و كانت اجابة معظمهم ان الاثنين سواء مذكر، و لكن الامر يختلف عندنا فلربما لان السيجار اقوى فاستحق المذكر في مجتمع يتم تقديس الرجل فيه، و السيجارة ضعيفة هشة مثل جارتنا المسكينة و التي تحترق يومياً تحت مسمى "خناقات زوجية عادية"، قد تكون كذلك فعلاً و لكن لما دائماً يعلو صراخها و هي تلعن الحياة، ام ان السيجار تاتي مذكرة لان سيجار واحد يوازي اربع سجائر عادية.
لا ينتهي هذا السيجار اطلاقا، اتذكر انني اشعلته منذ ساعة تقريباً، ساتركه يحترق وحده مخلفاً بخور من سيجار فاخر.
هل سيطول صيامي عن رؤياك، لا استطيع، سأخالف كل التعليميات و الأوامر السامية، اخرجت المفتاح العتيق و فتحت الدرج الثاني في مكتبي المتهالك، اخرجت البوم صور يعلوه تراب، سلسلة على هيئة اسم الله.
اتذكر كل ما قاله لي الاطباء عن خطورة الوقوع في دوامة الذكريات، و لكن ما السبيل اذا كنت لا ازال هناك.
ابتسامتها، اسنانها الصفراء، الوشم خلف ذراعها الايسر، امتلك واحدا مشابها، لقد قبلت ذلك الوشم اكثر من الف مرة تقريباً، ليالي و ايام رائعة لن تعود للأسف.
عرفت ان الليل أتي من صوت جارتنا و هي تتألم، لا اعلم لما اختارني القدر ان اسمع آلام شخص ما في عذابه في النور امام الجميع في الخناقات اليومية او في عذابه على السرير.
لا اصبر على الفراق، اتذكر وعدنا باننا لن نفترق و ان الموت نفسه غير قادر على التفريق بيننا و لكنني لم استطع ان اوفي بوعدي و ها هو الموت يفرقنا، اتمنى ان احترق مثل سيجاري و ينتهي كل شئ.
صورتها لا تزال عالقة في كل ذهني و في كل مكان، ارى صورتها معلقة على الحائط، ما اجمل تلك الابتسامة وسط النيران التي خلفها ذلك السيجار، الأمر بسيط تماماً، تلتهم النيران كل شئ، ارى وجهها من بين اللهب، ارى ضحكتها الجميلة، تقترب مني ببطء و صوت خور جارنا و آلام المسكينة زوجته يعطي للمشهد موسيقى تصويرية غاية في الروعة، تقترب مني من بين النيران، تلتهمني بلطف ككل مرة التقينا. و أخيرا رايتها مجدداً
-تمت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجرد بسمة

يرن المنبه في موعده، السابعة و النصف صباحا، شئ ما يمنعني من الخروج من عالم النوم ، لربما هو هو المهرب مما يحدث، يقاوم جسدي الخروج من بواب...