إنها ليلة ممطرة في شتاء و برد قارس، تذكرني تلك الأيام بأيام حبنا الأولى ، كان الدفء في تلك الليالي المجنونة، كان النار و كنت الحطب ، و لكن الأمطار في النهاية أطفئت لهيب حبنا و لم يعد باق لنا سوى رماد محروق و دخان أسود ناتج الاحتراق،
أستجمعت شجاعتي و خرجت في الظلام ، من البيت الذي طالما جمعنا في تلك الليالي القارسة، اتحرك نحو صخرة أعرفها جيدا، كانت القبلة الاولى عليها و كان اللقاء الاكثر جنونا تحتها يوما ما، و لكنها الان صلبة لا حياة فيها، صخرة لا تحمل أي شئ مختلف.
و لكنها في الماضي كانت تحمل حياة ، حملني فوقها مرات عديدة ، مرر يده بين خصلات شعري الفاحم و اختطفنا قبلات تحت ضوء القمر الفضي ، تحت انظار النجوم و احيانا تحت انظار الشمس التي كانت تغيب بناظريها على استحياء و تختبئ خلف الأمواج ، جلست على الصخرة و نظرت حولي فوجدت أثنين من العاشقين، الفتاة تبدو مثلي لحد بعيد ، تطل بكل حيوية و الفتى كان رياضيا ممشوق القوام ، الحب يطل من طريقة حركتهم، تستند برأسها على كتفه العريض ، لم يكترثوا كثيرا لوجودي و كأنني أصبحت طيف، خطف الشاب قبلة سريعة منها و لم يلبثوا ان جلسوا على الرمال ، ينظرون للنجوم ، كم هو جميل الحب و رائع في البدايات، نظرت للمنزل و للدخان الخارج من المدخنة ، كان يرسم قلوبا في الهواء و يضيف سخونة للمشهد الساخن تلقائيا، تذكرت كيف كان هذا المكان يجمعنا، أسامينا على الرمال، السباحة عراه في الشتاء ، كل شئ جميل مضى، لا شئ جميل يدوم ما لم نصونه و نحافظ على شغفه، عندما أسندت رأسي للصخرة كانت لينة مثل الأسفنج الصناعي، تصاعد الدخان أكثر ، لم أبالي ، حتى رأيت النيران تخرج من الفوهة ، نيران تلتهم المنزل الي شهد حبي، لم أبالي أيضاً، و الغريب أن ذلك لم يمنع الحبيبان من إستكمال حبهم الشغوف، يتحول المنزل للرماد و الذكريات ايضا، النيران المتوهجة جعلت الصورة أوضح، ملامح الفتاة أوضح، أنها أنا، و من هذا الشاب الذي لا أعرفه، أنه ليس هو، فمن يكون ؟ لم أعلم حقا من الطيف هنا ، أنا أم هم، و الأهم أنني لم أعرف إجابة السؤال ، هل هذا هو حبيبي السابق و قد أنمحت ذكراه أم انه حبيب قادم في المستقبل لنبني المنزل مستقبلاً، بدون رماد....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق